يُعد برنامج المعرفة البرتقالية أحد أبرز المبادرات التعليمية التي أطلقتها المؤسسات الهولندية لدعم التعليم الدولي وتعزيز القدرات المهنية حول العالم. فمنذ انطلاقه عام 2017، سعى البرنامج إلى تمكين الكوادر المهنية من الدول الشريكة عبر المنح الدراسية والتبادل المعرفي، ليُصبح مثالًا حيًّا على التعاون الدولي الهادف إلى التنمية المستدامة.

رؤية البرنامج وأهدافه

يرتكز برنامج المعرفة البرتقالية على هدفٍ رئيسي يتمثل في تعزيز التعليم والتنمية المهنية في الدول المشاركة من خلال بناء شراكات بين المؤسسات الهولندية والمنظمات المحلية. وقد تم تصميم البرنامج بحيث لا يقتصر على المنح الدراسية الفردية فحسب، بل أيضًا على تبادل الخبرات وتطوير المهارات العملية التي تساهم في تحسين أداء المؤسسات والقطاعات الحيوية في تلك الدول.

مجالات التركيز في البرنامج

يركز البرنامج على أربعة محاور أساسية ترتبط ارتباطًا مباشرًا بأجندة التنمية المستدامة للأمم المتحدة، وهي:

  • الصحة الجنسية والإنجابية وحقوق الإنسان.
  • الأمن وسيادة القانون وتعزيز العدالة.
  • الأمن الغذائي والتغذية المستدامة.
  • المياه وإدارة الموارد المائية.

هذه المجالات تمثل الركائز التي يبنى عليها البرنامج رؤيته لدعم التنمية الشاملة في المجتمعات المستهدفة، إذ يسعى إلى خلق توازن بين المعرفة النظرية والتطبيق العملي بما يحقق نتائج ملموسة تعود بالنفع على الأفراد والمؤسسات على حد سواء.

إنجازات البرنامج بالأرقام

خلال الفترة بين عامي 2017 إلى 2024، شارك في تنفيذ البرنامج 38 مؤسسة تعليمية هولندية قدمت أكثر من 400 برنامج ماجستير ودورة تدريبية قصيرة ضمن منحة “المعرفة البرتقالية”.
وقد أتاح ذلك الفرصة لأكثر من 10.191 مستفيدًا من 55 دولة حول العالم لتطوير معارفهم ومهاراتهم في مجالات تخصصهم، مما انعكس إيجابًا على مؤسساتهم ومجتمعاتهم بعد عودتهم.

تأثير البرنامج على التنمية المهنية والمؤسسية

منذ انطلاقه، عمل برنامج المعرفة البرتقالية على تعزيز قدرات المهنيين والكوادر المؤثرة في القطاعات الحيوية، مثل التعليم والصحة والزراعة والمياه.
ولقياس هذا الأثر، أجرت مؤسسة نَفّك Nuffic في عام 2024 دراسة تتبعية (Tracer Study) لتقييم التأثير المتوسط والطويل المدى للمنح على التطور المهني للمستفيدين وعلى أداء مؤسساتهم.
أظهرت النتائج أن الغالبية العظمى من المشاركين تمكنوا من تطبيق المعرفة المكتسبة مباشرة في أعمالهم، مما أدى إلى تطوير جودة الأداء المؤسسي وتعزيز ثقافة التعلم المستمر.

بيئة تعليمية دولية وتبادل ثقافي غني

من أهم مزايا البرنامج أنه خلق ما يُعرف بـ”الصف الدراسي الدولي”، حيث يجتمع طلاب من خلفيات ثقافية ومهنية متنوعة في بيئة تعليمية هولندية ترحب بالابتكار والحوار.
هذا التنوّع أسهم في تعزيز الفهم المشترك، وتبادل الخبرات، وبناء شبكات تعاون مهنية مستدامة تمتد إلى ما بعد فترة الدراسة.

مدونة السلوك والالتزام بالمعايير الأخلاقية

حرصت الجهات المنظمة للبرنامج منذ البداية على اعتماد مدونة سلوك (Code of Conduct) توضح المبادئ الأخلاقية والمهنية التي تحكم عملية إدارة المنح وتنفيذها.
هذه المدونة تُلزم جميع الأطراف — من طلاب ومؤسسات وشركاء — بالتصرف وفق قيم النزاهة، والمسؤولية، والاحترام المتبادل، بما يعكس صورة إيجابية للتعاون الأكاديمي الهولندي على المستوى الدولي.

احتفال بسبع سنوات من التأثير الإيجابي

في عام 2024، احتفل برنامج المعرفة البرتقالية بمرور سبع سنوات على انطلاقه، مقدماً سلسلة من الشهادات والقصص الملهمة عن التغيير الحقيقي الذي أحدثه في حياة الأفراد والمجتمعات.
فعدد كبير من الخريجين أصبحوا قادة في مجالاتهم، وأسهموا في تطوير السياسات والمشاريع التنموية في بلدانهم من خلال تطبيق ما تعلموه ضمن البرنامج.

بناء شراكات مستدامة للمستقبل

يتجاوز أثر البرنامج حدود التدريب والأكاديميا ليصل إلى تطوير شراكات طويلة الأمد بين المؤسسات الهولندية والنظيرات في الدول المشاركة.
ومن خلال هذه الشراكات، يتم تنفيذ مشاريع بحثية وتنموية مشتركة تُسهم في معالجة التحديات العالمية في مجالات الأمن الغذائي والمياه والحوكمة والحقوق.

الابتكار والتطور المستقبلي للبرنامج

مع اقتراب البرنامج من نهاية مرحلته الأولى، بدأت المؤسسات المعنية في تقييم سبل تطويره لمستقبل أكثر استدامة.
فالهدف في المرحلة القادمة هو تعزيز استمرارية البرنامج عبر دعم الشبكات المهنية والخريجين، وتشجيع المبادرات المحلية القائمة على المعرفة التي اكتسبها المستفيدون خلال دراستهم في هولندا.

التعليم كجسر للتغيير العالمي

يُثبت برنامج المعرفة البرتقالية أن التعليم الدولي ليس مجرد عملية أكاديمية، بل وسيلة حقيقية لبناء التفاهم بين الشعوب وتحقيق التنمية المستدامة.
من خلال الاستثمار في التعليم والتدريب، يعيد البرنامج تعريف مفهوم المساعدات التنموية ليصبح تعاونًا قائمًا على تبادل الخبرات والمعرفة لا على المساعدات المؤقتة.

أثر البرنامج على المجتمعات المحلية

النتائج الميدانية تشير إلى أن المستفيدين من البرنامج ساهموا في إحداث تحولات ملموسة في مجتمعاتهم، من خلال:

  • إطلاق مبادرات لزيادة الوعي الصحي والغذائي.
  • تطوير سياسات مؤسسية أكثر كفاءة وشفافية.
  • تحسين إدارة الموارد المائية على نحو مستدام.
  • تعزيز فرص التعليم والتمكين الاقتصادي للنساء والشباب.

كل هذه الجهود تؤكد أن المعرفة التي اكتسبها المشاركون تحولت إلى قوة دافعة حقيقية للتغيير المجتمعي.

نحو عالم أكثر معرفة وعدلاً واستدامة

إن تجربة برنامج المعرفة البرتقالية تبرهن على أن الاستثمار في الإنسان هو أعظم استثمار ممكن.
فالحاصلون على المنح لا يكتسبون المعرفة فقط، بل يحملون معهم رؤية جديدة لنقل خبراتهم إلى مجتمعاتهم ومؤسساتهم، مما يساهم في بناء عالمٍ أكثر عدلاً واستدامة وتعاونًا بين الشعوب.

رابط التسجيل في منحة برنامج المعرفة الهولندية للدراسة المجانية في هولندا