الاستدامة المهنية هي مفهوم يشير إلى القدرة على الحفاظ على نجاح وتطوير الحياة المهنية على المدى الطويل. يتعلق هذا الأمر بتطوير المهارات والمعرفة اللازمة للمحافظة على القيمة المضافة والاستمرارية في العمل أو المهنة التي يمارسها الفرد على مدار حياته المهنية.

تعريف الأمم المتحدة للاستدامة

تعريف الأمم المتحدة للاستدامة مستمد من التحديدات التي أُقرت في عام 2015 بما يُعرف باسم “أهداف التنمية المستدامة” (Sustainable Development Goals – SDGs). يُعتبر هذا التعريف جزءًا من الخطة العالمية للتنمية المستدامة حتى عام 2030، والتي تهدف إلى معالجة التحديات الاقتصادية والاجتماعية والبيئية على مستوى عالمي.

تعريف الأمم المتحدة للاستدامة هو:

“التنمية المستدامة هي تلبية الاحتياجات الحالية دون المساس بقدرة الأجيال القادمة على تلبية احتياجاتها.”

هذا التعريف يشير إلى ضرورة أن تتم تطلعاتنا وجهودنا لتحقيق التنمية الاقتصادية والاجتماعية والبيئية بطريقة تحافظ على قدرة الأجيال القادمة على الاستفادة من الموارد الطبيعية وتحسين نوعية حياتهم. بمعنى آخر، يجب أن نتخذ إجراءات مستدامة الآن تُحسِن الظروف الحالية وتُحافظ على فرص التنمية المستقبلية للأجيال القادمة.

من خلال وضع أهداف التنمية المستدامة، تسعى الأمم المتحدة إلى دفع الدول والمجتمعات للعمل معًا للتغلب على التحديات العالمية الراهنة وتحقيق التنمية بشكل شامل ومستدام. هذا يشمل مكافحة الفقر والجوع، وتحسين التعليم والصحة، وتعزيز المساواة بين الجنسين، والحفاظ على التنوع البيولوجي، ومكافحة تغير المناخ، وتعزيز التنمية الاقتصادية المستدامة.

الجوانب الهامة في الاستدامة المهنية

  • التعلم المستمر: يتعين على الفرد أن يكون على اطلاع دائم بالتطورات في مجاله المهني والبقاء متعلمًا طوال حياته. يمكن أن يشمل ذلك حضور دورات تدريبية، ورش عمل، قراءة مقالات وكتب مختصة، واكتساب المعرفة من الخبراء في المجال.
  • تطوير المهارات: يجب أن يعمل الفرد على تحسين مهاراته الحالية واكتساب مهارات جديدة تمكنه من مواكبة التحديات الجديدة في سوق العمل.
  • التخطيط الوظيفي: يتعين على الفرد وضع خطة واضحة لمستقبله المهني، وتحديد الأهداف القصيرة والطويلة المدى ووضع خطوات لتحقيقها.
  • الابتكار والإبداع: يجب أن يكون الفرد قادرًا على التفكير الإبداعي والابتكار في عمله، واستخدام المنهجيات والأفكار الجديدة لتحسين أدائه المهني.
  • بناء شبكة علاقات: يلعب بناء شبكة علاقات اجتماعية ومهنية قوية دورًا هامًا في تعزيز فرص النمو المهني وتوسيع دائرة الفرص المتاحة.
  • الاهتمام بالصحة النفسية والبدنية: يجب على الفرد العناية بصحته النفسية والجسدية، حيث أن الاستدامة المهنية يمكن أن تكون مرتبطة بالتوازن بين العمل والحياة الشخصية والتعامل الجيد مع التحديات والضغوط المهنية.

الاستدامة المهنية تساهم في بناء مسار مهني مستدام وناجح يضمن استمرارية النجاح والتطور في المجال الذي يعمل فيه الفرد. من الجدير بالذكر أنه يمكن أن تختلف طرق تحقيق الاستدامة المهنية من شخص لآخر حسب مجال العمل والاحتياجات الفردية.

كيف تبني مهنة مستدامة

بناء مهنة مستدامة يتطلب التخطيط والالتزام والتطوير المستمر. إليك بعض الخطوات التي يمكنك اتباعها لبناء مهنة مستدامة:

وضع أهداف واضحة: حدد ما ترغب في تحقيقه في مهنتك على المدى القريب والبعيد. قم بتحديد أهداف واقعية وقابلة للقياس تساعدك على توجيه جهودك نحو التطوير المهني.

التعلم المستمر: استثمر في تطوير مهاراتك وزيادة معرفتك في مجالك المهني. شارك في دورات تدريبية وورش عمل وقراءة كتب ومقالات متخصصة لتوسيع آفاقك والتعلم من خبرات الآخرين.

بناء شبكة علاقات: قم ببناء علاقات مهنية قوية مع أشخاص ذوي خبرة وتأثير في مجالك. قد تفتح لك هذه العلاقات أبوابًا لفرص عمل جديدة ومشاريع مثمرة.

التطوير الذاتي: اعمل على تحسين مهاراتك الشخصية والاتصالية والقيادية. يمكن أن تكون هذه المهارات مفتاحًا في الوصول إلى المستويات العليا في مهنتك.

التحكم في الوقت وتحقيق التوازن: حاول تنظيم وقتك بشكل فعال لتحقيق التوازن بين العمل والحياة الشخصية. الحفاظ على صحة نفسية وجسدية جيدة هو أمر ضروري للاستدامة المهنية.

التحسين المستمر: كن مستعدًا للتكيف مع التغييرات في سوق العمل والتطورات التكنولوجية. ابحث عن فرص تطوير مهني جديدة وكن متعاونًا في اكتساب المعرفة والمهارات الجديدة.

تحقيق التميز: اسعَ لتقديم الأفضل في عملك وكن مبدعًا وملتزمًا بتحقيق النتائج. قم ببناء سمعة طيبة واجتهد لأن تكون مرجعًا في مجالك.

بناء مهنة مستدامة يتطلب جهدًا واستمرارية، ولا يحدث ذلك على الفور. استثمر في نفسك وكن ملتزمًا بالتطوير المهني المستمر، وستجد نفسك تحقق التقدم والنجاح في مسارك المهني على المدى الطويل.

ماهي الركائز الثلاث للاستدامة

الاستدامة عمومًا تعني تحقيق التوازن بين الاحتياجات الحالية واحتياجات المستقبل، وتضمن الحفاظ على القدرة على تلبية احتياجات الأجيال القادمة. يمكن تمثيل الاستدامة من خلال ثلاث ركائز رئيسية وهي:

الاستدامة الاقتصادية:

تتعلق هذه الركيزة بالقدرة على الحفاظ على النمو الاقتصادي وتحقيق الازدهار الاقتصادي على المدى الطويل. يجب أن تكون الأنشطة الاقتصادية مستدامة بحيث لا تستنفذ الموارد بشكل غير مستدام ولا تتسبب في تلوث بيئي غير محتمل. يهدف الجانب الاقتصادي من الاستدامة إلى تحقيق التوازن بين الاقتصاد والبيئة والمجتمع.

الاستدامة الاجتماعية:

تركز هذه الركيزة على الحفاظ على رفاهية المجتمع وتحسين جودة الحياة للجميع. يجب أن تؤخذ بعين الاعتبار الحاجات الاجتماعية والصحية والتعليمية والثقافية للأفراد والمجتمعات وضمان المساواة والعدالة الاجتماعية. تشمل الاستدامة الاجتماعية أيضًا الحفاظ على التراث الثقافي والتنوع وتعزيز التعايش السلمي والتعاون بين الناس.

الاستدامة البيئية:

تهتم هذه الركيزة بالحفاظ على صحة البيئة وتوازن النظم البيئية. يجب أن تكون الأنشطة البشرية مستدامة بحيث لا تسبب تلوثًا ضارًا أو تدميرًا للموارد الطبيعية بشكل لا يمكن تجديده. يهدف الجانب البيئي من الاستدامة إلى المحافظة على التنوع البيولوجي والاستفادة من الموارد الطبيعية بطريقة مسؤولة والتصدي للتغيرات المناخية.

تعمل هذه الركائز الثلاثة معًا لتحقيق الاستدامة بشكل شامل وجعلنا قادرين على العيش والعمل في عالم مستدام ومتوازن يلبي احتياجات الأجيال الحالية والمستقبلية. إن تحقيق الاستدامة يعد تحديًا هامًا للمجتمعات والأفراد على حد سواء، وتتطلب جهودًا مشتركة وتعاونًا عالميًا للتصدي للتحديات البيئية والاجتماعية والاقتصادية.